لمحات حول دورات الإدارة الذاتية
زيد بن محمد الزعيبر
أغلب المؤسسات التربوية في عصرنا الحالي تهدف دوما إلى السعي المستمر لتقديم أفضل البرامج التي فيها نهوض بواقعها على صعيد المربي والمتربي على حدٍ سواءً من خلال البرامج والدورات التربوية والإدارية والحاسوبية وغيرها ، وقد يكون لها دوراً واضحاً وملموساً في ذلك.
لكن الأمر الذي ينبغي الاهتمام به في ذلك كله ، هو الهدف المرجو من تلك الدورات واللقاءات والذي هو قدرة المربي والمتربي على إدارة ذاته والنهوض بها نحو الأفضل ، ونحو ما هو تدعيم لها من خلال امتلاك المواهب ، مع القدرة على حل المشاكل التي قد تواجهه من خلال توسيع النظرة ، وإدراك الجوانب الخفية التي قد لا تكون واضحة لمن هو بادى الرأي ، قليل الخبرة .
فالهدف السابق يحتم علينا قبل المبادرة إلى البحث عن المواهب وامتلاكها إلى المبادرة إلى امتلاك الإدارة الناضجة للذات ، فإدارة الإنسان لذاته تعني لنا بالدرجة الأولى العتبة الأولى والسلم الأول الذي به نرقى نحو إدارة الذات لغيرنا ، ومن هنا كان مهما أن تكلم باختصار حول بعض النقاط التي قد تساهم في رقينا بذواتنا وتنميتنا لها ، وألفت الانتباه أنه مع انتشار تلك الدورات واللقاءات يخطئ البعض فيعتقد بأن مجرد حضورها أمر كفيل بصناعة ذلك الشاب الواضح الهدف ، ذا الخطط الإيجابية ، والأعمال المستقبلية والمتسمة بالإبداع والتجديد ، والطرح المميز ، وما تلك الدورات إلا مفاتيح للتغيير والإنطلاق ، وأما أن تكون هي الأساس - فقط احضر دورة في الإبداع وتكون مبدعاً أو احضر دورة في التخطيط وكن مخططاً استراتيجياً فاعلاً ـ فهذا لا يقوله إلا من أخطأ الفهم ، أو نقد على وهم!
ولنقف سوياً مع بعض تلك النقاط :
الأولى: حدد هدفك من حضور تلك الدورة/ دائماً ما استغرب من بعض الذين يناقشون في مدى فاعلية تلك الدورات ومحورتها ضمن إطارعبارة "تلك الدورات إنما هي بيع كلام" ! فأقول لهم: هل حضرتم تلك الدورات ، فجيبون بالإثبات ، فأقول: ما الأهداف من حضور تلك الدورة ؟ فتأتي الإجابة عائمة في بحر الاستفادة ، وما علموا أن الشيطان قد أعطى أبا هريرة الفائدة! فإجمال الهدف في إجمال الفائدة أمر مرفوض لمن أراد النقاش حول هذا الجانب , ومن الطريف أن أحد من كان ينادي بأن تلك الدورات في غالبها تسويق لفظي بالعبارات أو بمعنى أدق"بيع كلام" تجد التناقض لديه في حضور تلك الدورات ، بل وفي قراءة بعض تلك الكتب المتخصصة ، والواقع خير شاهد ، وإن كان الأمر ليس بإطلاق.
الثانية/ المبادرة للإفادة من الدورة بعد حضورها: فهذا قد حضر دورة بألفي ريال عن التخطيط لدى المؤسس الأول لمبادئ التخطيط ثم تجده بعد ذلك لا يطبق ما تعلمه في تلك الدورة بحجة أن تطبيق هذا الأمر بحاجة إلى وقت ، ويا سبحان اللـه لدينا الوقت لحضور تلك الدورات وليس لدينا الوقت لتفعيلها على أرض الواقع لنرى مدى فاعليتها ، وأيضاً حتى نختبر إرادتنا وجديتنا في تطبيق ما تعلمناه بها.
الثالثة/ عدم المبالاة بكلام السلبيين: فالقاعدة المتجددة تقول: إن الناجح دائماً محارب ، ويجب ألا تكون تلك القاعدة مع أهميتها سجلا للأعذار يضعه الإنسان تحت الإبط ، وينشرها في وجه كل من ينصحه أو يصحح مسيرته.
الرابعة/ عدم استباق الحكم: فلربما تجد من يحضر تلك الدورات وفي نفسه موقف سابق من تلك الدورات ، أو يحضر وهو مقتنع قناعة الشمس بعدم جدوى تلك الدورات ، فمن مقدمة المدرب أو المحاضر تجده يقول في نفسه: سبحان اللـه نفس الكلام الذي سمعته من فلان ، أو نفس الشيء الذي كان في ذهني ولم يصدقني فلان ، ويبني حضوره لمدة لا تقل عن ثلاث ساعات وقد تصل إلى عشرين ساعة على هذا الأساس ! واللـه المستعان.
الخامسة وهي الأهم/ عدم التسليم المطلق لكل ما يعرض في تلك الدورات ، بل عرضها على النصوص والقواعد الشرعية ، فإن اتضح لنا ما يؤيدها أخذنا به ، وإلا فلنتوقف ، والتوقف لا يعني الموافقة أو الرفض ، بل نترك المجال لغيرنا في إصدار الحكم فليست الشجاعة في الرفض أو الموافقة إلا لمن لديه الأهلية الكافية لذلك.
وهنا أغتنم هذه الفرصة لأقول: عليك أخي الكريم أن تحرص على الحضور لدى المدربين الذين عندهم خلفية شرعية مناسبة ، وأيضاً دراية مناسبة بتلك الفنون ، أو على الأقل يمتلكون نظرة متوازنة غير مبالغ فيها.
* تم نشر هذا المقال في موقع المسلم على الرابط:
http://www.almoslim.net/tarbawi/show_article_main.cfm?id=2591
زيد بن محمد الزعيبر
أغلب المؤسسات التربوية في عصرنا الحالي تهدف دوما إلى السعي المستمر لتقديم أفضل البرامج التي فيها نهوض بواقعها على صعيد المربي والمتربي على حدٍ سواءً من خلال البرامج والدورات التربوية والإدارية والحاسوبية وغيرها ، وقد يكون لها دوراً واضحاً وملموساً في ذلك.
لكن الأمر الذي ينبغي الاهتمام به في ذلك كله ، هو الهدف المرجو من تلك الدورات واللقاءات والذي هو قدرة المربي والمتربي على إدارة ذاته والنهوض بها نحو الأفضل ، ونحو ما هو تدعيم لها من خلال امتلاك المواهب ، مع القدرة على حل المشاكل التي قد تواجهه من خلال توسيع النظرة ، وإدراك الجوانب الخفية التي قد لا تكون واضحة لمن هو بادى الرأي ، قليل الخبرة .
فالهدف السابق يحتم علينا قبل المبادرة إلى البحث عن المواهب وامتلاكها إلى المبادرة إلى امتلاك الإدارة الناضجة للذات ، فإدارة الإنسان لذاته تعني لنا بالدرجة الأولى العتبة الأولى والسلم الأول الذي به نرقى نحو إدارة الذات لغيرنا ، ومن هنا كان مهما أن تكلم باختصار حول بعض النقاط التي قد تساهم في رقينا بذواتنا وتنميتنا لها ، وألفت الانتباه أنه مع انتشار تلك الدورات واللقاءات يخطئ البعض فيعتقد بأن مجرد حضورها أمر كفيل بصناعة ذلك الشاب الواضح الهدف ، ذا الخطط الإيجابية ، والأعمال المستقبلية والمتسمة بالإبداع والتجديد ، والطرح المميز ، وما تلك الدورات إلا مفاتيح للتغيير والإنطلاق ، وأما أن تكون هي الأساس - فقط احضر دورة في الإبداع وتكون مبدعاً أو احضر دورة في التخطيط وكن مخططاً استراتيجياً فاعلاً ـ فهذا لا يقوله إلا من أخطأ الفهم ، أو نقد على وهم!
ولنقف سوياً مع بعض تلك النقاط :
الأولى: حدد هدفك من حضور تلك الدورة/ دائماً ما استغرب من بعض الذين يناقشون في مدى فاعلية تلك الدورات ومحورتها ضمن إطارعبارة "تلك الدورات إنما هي بيع كلام" ! فأقول لهم: هل حضرتم تلك الدورات ، فجيبون بالإثبات ، فأقول: ما الأهداف من حضور تلك الدورة ؟ فتأتي الإجابة عائمة في بحر الاستفادة ، وما علموا أن الشيطان قد أعطى أبا هريرة الفائدة! فإجمال الهدف في إجمال الفائدة أمر مرفوض لمن أراد النقاش حول هذا الجانب , ومن الطريف أن أحد من كان ينادي بأن تلك الدورات في غالبها تسويق لفظي بالعبارات أو بمعنى أدق"بيع كلام" تجد التناقض لديه في حضور تلك الدورات ، بل وفي قراءة بعض تلك الكتب المتخصصة ، والواقع خير شاهد ، وإن كان الأمر ليس بإطلاق.
الثانية/ المبادرة للإفادة من الدورة بعد حضورها: فهذا قد حضر دورة بألفي ريال عن التخطيط لدى المؤسس الأول لمبادئ التخطيط ثم تجده بعد ذلك لا يطبق ما تعلمه في تلك الدورة بحجة أن تطبيق هذا الأمر بحاجة إلى وقت ، ويا سبحان اللـه لدينا الوقت لحضور تلك الدورات وليس لدينا الوقت لتفعيلها على أرض الواقع لنرى مدى فاعليتها ، وأيضاً حتى نختبر إرادتنا وجديتنا في تطبيق ما تعلمناه بها.
الثالثة/ عدم المبالاة بكلام السلبيين: فالقاعدة المتجددة تقول: إن الناجح دائماً محارب ، ويجب ألا تكون تلك القاعدة مع أهميتها سجلا للأعذار يضعه الإنسان تحت الإبط ، وينشرها في وجه كل من ينصحه أو يصحح مسيرته.
الرابعة/ عدم استباق الحكم: فلربما تجد من يحضر تلك الدورات وفي نفسه موقف سابق من تلك الدورات ، أو يحضر وهو مقتنع قناعة الشمس بعدم جدوى تلك الدورات ، فمن مقدمة المدرب أو المحاضر تجده يقول في نفسه: سبحان اللـه نفس الكلام الذي سمعته من فلان ، أو نفس الشيء الذي كان في ذهني ولم يصدقني فلان ، ويبني حضوره لمدة لا تقل عن ثلاث ساعات وقد تصل إلى عشرين ساعة على هذا الأساس ! واللـه المستعان.
الخامسة وهي الأهم/ عدم التسليم المطلق لكل ما يعرض في تلك الدورات ، بل عرضها على النصوص والقواعد الشرعية ، فإن اتضح لنا ما يؤيدها أخذنا به ، وإلا فلنتوقف ، والتوقف لا يعني الموافقة أو الرفض ، بل نترك المجال لغيرنا في إصدار الحكم فليست الشجاعة في الرفض أو الموافقة إلا لمن لديه الأهلية الكافية لذلك.
وهنا أغتنم هذه الفرصة لأقول: عليك أخي الكريم أن تحرص على الحضور لدى المدربين الذين عندهم خلفية شرعية مناسبة ، وأيضاً دراية مناسبة بتلك الفنون ، أو على الأقل يمتلكون نظرة متوازنة غير مبالغ فيها.
* تم نشر هذا المقال في موقع المسلم على الرابط:
http://www.almoslim.net/tarbawi/show_article_main.cfm?id=2591