لن تسرقوا أفراحنا
سنفرح بهذا العيد رغم الجراح، ولن يسرق الأعداء منا الفرحة، ومن أطفالنا البسمة..
لن تسرقوا أفراحنا بحصاركم إخواننا... ألم يُحاصر النبي الكريم – صلى الله عليه وسلم- وصحبه رضوان الله عليهم في الشعب، بعدما زادت حيرة المشركين إذ نفدت بهم الحيل، فتحالفوا على الحصار وكتبوا صحيـفـة الظلم، ثلاثة أعوام في شعب أبي طالب حتى لجأ المسلمون إلى أكل الأوراق والجلود، وحتى كان يسمع من وراء الشعب أصوات نسائهم وصبيانهم يتضاغون من الجوع، وفي النهاية نقضت الصحيفة وانكسر الحصار، وما انكسرت عزيمة المؤمنين، وكيف تنكسر عزيمتنا ونحن نقرأ قوله تعالى: { فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا }.
فسنـزداد تمسكاً بديننا وحقوقنا مستذكرين قول ربنا : {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ }.
لن تسرقوا أفراحنا بمجازركم وجرائمكم... فشهداؤنا أحياء، إنهم أحياء عند ربهم، عند خير جوار، والمصائب مع الصبر ستنقلب إلى رحمة: {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ* وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ* أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ }، ودماؤهم الزكية تذكرنا بأن قتلة الأنبياء بالأمس هم قتلة أتباع الأنبياء اليوم، وتذكرنا بحملات الصليب التي كلما عادت سرعان ما تنتهي وترجع خائبة بإذن الله.
لن تسرقوا أفراحنا بحرماننا من شد الرحال للأقصى... فإن طال الزمان فإنا عائدون...قادمون، وإن جعلتم من حدودكم وحواجزكم حائلاً بيننا وبين الصلاة في المسجد الأقصى، فلكم الخزي في الدنيا والعذاب العظيم في الآخرة، قال عز وجل: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ }.
لن تسرقوا أفراحنا بسجنكم لإخواننا وأخواتنا... فأنين الأسرى وصوت قيودهم، سيحررنا من الدنيا وقيودها، وسنمضي من أجل حريتهم مستذكرين إخوة لنا ذكرنا بهم رسولنا لما أتاه خباب رضي الله عنه وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، قُلْنَا لَهُ: أَلَا تَسْتَنْصِرُ لَنَا أَلَا تَدْعُو اللَّهَ لَنَا، قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الْأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهِ فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ أَوْ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ" ... ستكسر القيود ويعود الأحبة وليتمن الله هذا الأمر.
لن تسرقوا أفراحنا باحتلال أرضنا... فقد سقطت بغداد بأيدي التتار، والقدس بأيدي الصليب، وعادت عزيزة بعدما عدنا لديننا وتوحدت راياتنا، وإنا على يقين بأننا عائدون، والعاقبة للمتقين، قال تعالى: { قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}.
لن تسرقوا أفراحنا بتحالفكم وتحزبكم ضدنا... وسنزاد إيماناً وتسليماً لله، وسنقول كما قال إخواننا: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا }.
لن تسرقوا أفراحنا وإن تأخر نصرنا... فوعد الله بين أعيننا { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} وسنسرع بالسير وإن تكالبت على جنبات الطريق الجراح، وعيوننا ترمق من بعيد وعد الله لنا بالنصر والتمكين : { إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ }.
لن تسرقوا أفراحنا فلنا معكم موعد لم ولن ننساه، قال صلى الله عليه وسلم: " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ فَيَقْتُلُهُمْ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوْ الشَّجَرُ يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ، إِلَّا الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ".
لن تسرقوا أفراحنا بشتم رسولنا... فذكره العطر تكفل الله برفعه { وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } وسننشر ديننا لننقذ العالم من ظلمات الكفر، قال تعالى: { هُوَ الَّذِي يُنَـزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ }.
لن تسرقوا أفراحنا بتشويهكم لإسلامنا واتهامنا بالإرهاب !!!... فنور ديننا لن يطفأ بأفواهكم، قال تعالى: { يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ، وقال صلى الله عليه وسلم: " لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ وَذُلًّا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ".
بل سنفرح... وسنرسم البسمة على وجه الفقير والمسكين وذوي الشهيد والأسير ، ألم يقل رسولنا صلى الله عليه وسلم: " من جهز غازيا فقد غزا , ومن خلف غازيا في أهله , وماله فقد غزا" وقال عليه الصلاة والسلام: " أيكم خلف الخارج في أهله وماله، كان له مثل نصف أجر الخارج".
وسنعمل بأمر رسولنا صلى الله عليه وسلم: " أغنوهم عن السؤال في هذا اليوم "، وسنغنيهم عن السؤال في هذا اليوم.
لن تسرقوا أفراحنا ... فاليوم نبتسم بمكة المكرمة والمدينة النبوية، وغداً بإذن الله سنشد الرحال إلى القدس، قال صلى الله عليه وسلم: " لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى"، وسنبتسم في القدس وفي بغداد وفي كل مكان بإذن الله.
لن تسرقوا أفراحنا ... وإن ملكتم الصواريخ والطائرات والبارجات ... فإرادتنا أقوى منكم ومما ملكتم والملك كله لله، قال تعالى: { قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْـزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، فهو سبحانه من نسأله العزة والتمكين وللكافرين الذل والهوان في الدنيا والآخرة، وإن تقلبتم حيناً، قال تعالى: { لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ }.
سنفرح لكن أفراحنا لن تنسينا جراح إخواننا... لأن جراحهم هي جراحنا، لأننا وكما قال حبيبنا صلى الله عليه وسلم: " مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ في تَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمِهِمْ وتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى منهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَد بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى" رواه البخاري ومسلم، وإن ضعف هذا الجسد حيناً فإنه سرعان ما سيتعافى مما ألم به.
وسيعفو بعضنا عن بعض، لأننا نحب أن يعفو الله عنا، قال تعالى: { وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}، وليس في قلوبنا متسع للخصام والتقاطع فيما بيننا، فهي أصغر حجماً من أن تحمل الحقد على مسلم، وأكبر قدرة على أن تحمل هم إخواننا المسلمين، وأن تخفق بذكر الله وحمده..
وسيصفح بعضنا عن بعض، ولنطبق ما نقرأه من أمر الله عز وجل لنا: { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }.
ليس في قلوبنا متسع لنحزن أو نهون ونحن نسمع قول ربنا { وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}.
وسنشد على جراحنا وننهض من جديد من بين الركام والأشلاء والدماء { وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا }
ولن ننطلق إلى السلم المهين والمذل، وقد نهانا الله عن ذلك فقال عز من قائل: { فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ }.
وكل عام وأنتم يا أحبتي بخير، وكل عام وأمتنا بخير، وكل عام وأقصانا بخير، وكل عام وقلوبنا مجتمعة كما نجتمع لصلاة العيد، وقلوبنا متصافية ومتصافحة قبل أيدينا، وإن حال بيننا الأعداء بأجسادنا فقلوبنا لا تتفرق.
سنفرح بهذا العيد رغم الجراح، ولن يسرق الأعداء منا الفرحة، ومن أطفالنا البسمة..
لن تسرقوا أفراحنا بحصاركم إخواننا... ألم يُحاصر النبي الكريم – صلى الله عليه وسلم- وصحبه رضوان الله عليهم في الشعب، بعدما زادت حيرة المشركين إذ نفدت بهم الحيل، فتحالفوا على الحصار وكتبوا صحيـفـة الظلم، ثلاثة أعوام في شعب أبي طالب حتى لجأ المسلمون إلى أكل الأوراق والجلود، وحتى كان يسمع من وراء الشعب أصوات نسائهم وصبيانهم يتضاغون من الجوع، وفي النهاية نقضت الصحيفة وانكسر الحصار، وما انكسرت عزيمة المؤمنين، وكيف تنكسر عزيمتنا ونحن نقرأ قوله تعالى: { فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا }.
فسنـزداد تمسكاً بديننا وحقوقنا مستذكرين قول ربنا : {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ }.
لن تسرقوا أفراحنا بمجازركم وجرائمكم... فشهداؤنا أحياء، إنهم أحياء عند ربهم، عند خير جوار، والمصائب مع الصبر ستنقلب إلى رحمة: {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ* وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ* أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ }، ودماؤهم الزكية تذكرنا بأن قتلة الأنبياء بالأمس هم قتلة أتباع الأنبياء اليوم، وتذكرنا بحملات الصليب التي كلما عادت سرعان ما تنتهي وترجع خائبة بإذن الله.
لن تسرقوا أفراحنا بحرماننا من شد الرحال للأقصى... فإن طال الزمان فإنا عائدون...قادمون، وإن جعلتم من حدودكم وحواجزكم حائلاً بيننا وبين الصلاة في المسجد الأقصى، فلكم الخزي في الدنيا والعذاب العظيم في الآخرة، قال عز وجل: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ }.
لن تسرقوا أفراحنا بسجنكم لإخواننا وأخواتنا... فأنين الأسرى وصوت قيودهم، سيحررنا من الدنيا وقيودها، وسنمضي من أجل حريتهم مستذكرين إخوة لنا ذكرنا بهم رسولنا لما أتاه خباب رضي الله عنه وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، قُلْنَا لَهُ: أَلَا تَسْتَنْصِرُ لَنَا أَلَا تَدْعُو اللَّهَ لَنَا، قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الْأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهِ فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ أَوْ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ" ... ستكسر القيود ويعود الأحبة وليتمن الله هذا الأمر.
لن تسرقوا أفراحنا باحتلال أرضنا... فقد سقطت بغداد بأيدي التتار، والقدس بأيدي الصليب، وعادت عزيزة بعدما عدنا لديننا وتوحدت راياتنا، وإنا على يقين بأننا عائدون، والعاقبة للمتقين، قال تعالى: { قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}.
لن تسرقوا أفراحنا بتحالفكم وتحزبكم ضدنا... وسنزاد إيماناً وتسليماً لله، وسنقول كما قال إخواننا: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا }.
لن تسرقوا أفراحنا وإن تأخر نصرنا... فوعد الله بين أعيننا { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} وسنسرع بالسير وإن تكالبت على جنبات الطريق الجراح، وعيوننا ترمق من بعيد وعد الله لنا بالنصر والتمكين : { إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ }.
لن تسرقوا أفراحنا فلنا معكم موعد لم ولن ننساه، قال صلى الله عليه وسلم: " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ فَيَقْتُلُهُمْ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوْ الشَّجَرُ يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ، إِلَّا الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ".
لن تسرقوا أفراحنا بشتم رسولنا... فذكره العطر تكفل الله برفعه { وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } وسننشر ديننا لننقذ العالم من ظلمات الكفر، قال تعالى: { هُوَ الَّذِي يُنَـزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ }.
لن تسرقوا أفراحنا بتشويهكم لإسلامنا واتهامنا بالإرهاب !!!... فنور ديننا لن يطفأ بأفواهكم، قال تعالى: { يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ، وقال صلى الله عليه وسلم: " لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ وَذُلًّا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ".
بل سنفرح... وسنرسم البسمة على وجه الفقير والمسكين وذوي الشهيد والأسير ، ألم يقل رسولنا صلى الله عليه وسلم: " من جهز غازيا فقد غزا , ومن خلف غازيا في أهله , وماله فقد غزا" وقال عليه الصلاة والسلام: " أيكم خلف الخارج في أهله وماله، كان له مثل نصف أجر الخارج".
وسنعمل بأمر رسولنا صلى الله عليه وسلم: " أغنوهم عن السؤال في هذا اليوم "، وسنغنيهم عن السؤال في هذا اليوم.
لن تسرقوا أفراحنا ... فاليوم نبتسم بمكة المكرمة والمدينة النبوية، وغداً بإذن الله سنشد الرحال إلى القدس، قال صلى الله عليه وسلم: " لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى"، وسنبتسم في القدس وفي بغداد وفي كل مكان بإذن الله.
لن تسرقوا أفراحنا ... وإن ملكتم الصواريخ والطائرات والبارجات ... فإرادتنا أقوى منكم ومما ملكتم والملك كله لله، قال تعالى: { قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْـزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، فهو سبحانه من نسأله العزة والتمكين وللكافرين الذل والهوان في الدنيا والآخرة، وإن تقلبتم حيناً، قال تعالى: { لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ }.
سنفرح لكن أفراحنا لن تنسينا جراح إخواننا... لأن جراحهم هي جراحنا، لأننا وكما قال حبيبنا صلى الله عليه وسلم: " مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ في تَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمِهِمْ وتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى منهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَد بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى" رواه البخاري ومسلم، وإن ضعف هذا الجسد حيناً فإنه سرعان ما سيتعافى مما ألم به.
وسيعفو بعضنا عن بعض، لأننا نحب أن يعفو الله عنا، قال تعالى: { وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}، وليس في قلوبنا متسع للخصام والتقاطع فيما بيننا، فهي أصغر حجماً من أن تحمل الحقد على مسلم، وأكبر قدرة على أن تحمل هم إخواننا المسلمين، وأن تخفق بذكر الله وحمده..
وسيصفح بعضنا عن بعض، ولنطبق ما نقرأه من أمر الله عز وجل لنا: { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }.
ليس في قلوبنا متسع لنحزن أو نهون ونحن نسمع قول ربنا { وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}.
وسنشد على جراحنا وننهض من جديد من بين الركام والأشلاء والدماء { وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا }
ولن ننطلق إلى السلم المهين والمذل، وقد نهانا الله عن ذلك فقال عز من قائل: { فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ }.
وكل عام وأنتم يا أحبتي بخير، وكل عام وأمتنا بخير، وكل عام وأقصانا بخير، وكل عام وقلوبنا مجتمعة كما نجتمع لصلاة العيد، وقلوبنا متصافية ومتصافحة قبل أيدينا، وإن حال بيننا الأعداء بأجسادنا فقلوبنا لا تتفرق.