الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وبعد.
الشروط المتفق عليها بين الفقهاء:
من الشروط المتفق عليها بين الفقهاء لصحة الطواف: الإسلام، والعقل، والنية، وهذه الشروط يذكرها بعض الفقهاء(1) في شروط الطواف، وهي شروط عامة تشترط لكل عبادة وليست خاصة بالطواف، ولا شك أنها معتبرة له لأنه عبادة.
فالإسلام شرط أساسي فالمشرك لا يقبل منه أيّ عمل ما دام على شركه لقوله تعالى: "وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً" (الفرقان:23).
والطواف عبادة تحتاج إلى نية التقرب إلى تعالى والمشرك لا نية له في التقرب ثم إنّ المشرك أيضاً ممنوع من دخول الحرم، قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا" (التوبة: من الآية28).
وأما اشتراط العقل فلأن العقل مناط التكليف، والمجنون ليس مكلفاً بفروض الدين لما رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وغيرهم عن حماد بن سلمة، عن حماد "وهو ابن أبي سفيان" عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة _رضي الله عنها_ أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قال: "رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن المبتلى حتى يبرأ وعن الصبي حتى يكبر" وفي رواية (رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق وعن الصغير حتى يبلغ)(2).
وأما ما ذكره العلماء من اشتراط النية للطواف أو لأيّ عبادة، فلأن مدار أي عمل عليها لما جاء في الصحيحين عن النبي _صلى الله عليه وسلم_ أنه قال: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى"(3).
هذه هي الشروط العامة لكل عبادة والمتفق عليها بين العلماء وهي معتبرة لصحة الطواف وهناك شروط أخرى متفق عليها بين فقهاء المذاهب خاصة بالطواف وهي:
الشرط الأول: أن يكون الطواف حول الكعبة المشرفة، قال تعالى: "ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ" (الحج:29)، وقد طاف _صلى الله عليه وسلم_ حول البيت وقال: "لتأخذوا عني مناسككم"(4) الحديث رواه مسلم وأبو داود والنسائي والترمذي وغيرهم.
الشرط الثاني: أن يكون الطواف حول البيت داخل المسجد الحرام ولو بعيداً عنه حيث يجوز الطواف في أخريات المسجد ولو في أروقته وعند بابه من داخله وعلى أسطحته، وكل توسعة في الحرم داخلة فيه فيصح الطواف في جمعية لكن لا بد وأن يكون الطواف داخله فلا يصح خارجه.
قال النووي: واتفقوا على أن لو طاف خارج المسجد لم يصح طوافه بحال(5)، انتهى.
قلت: والدليل على ذلك فعله _صلى الله عليه وسلم_ مع قوله فقد طاف عليه الصلاة والسلام داخل المسجد الحرام وقد قال: "لتأخذوا عني مناسككم" الحديث.
الشرط الثالث: دخول وقت الطواف إذا كان له وقت معين وذلك كطواف الإفاضة فإنه لا بد في صحته من دخول وقته، واشتراط دخول الوقت محل إجماع بين الفقهاء إنما اختلفوا فيما بينهم في ابتداء وقته وقد تقدم تفصيله بما يغني عن إعادته هنا في مبحث ابتداء وقت طواف الإفاضة.
الشرط الرابع: أن يكون الطواف من وراء الحِجْر(6)؛ لأن الحِجْر من الكعبة فلو طاف من داخل الحجر ما صح طوافه؛ لأن النبي _صلى الله عليه وسلم_ كان يطوف من ورائه.
وقد جاء في الصحيحين من حديث عائشة _رضي الله عنها_ أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قال لها: "ألم تَرَيْ أن قومك لما بنوا الكعبة اقتصروا على قواعد إبراهيم؟ فقلت: يا رسول الله ألا تردها على قواعد إبراهيم. قال: لولا حدثان قومك بالكفر لفعلت"، فقال عبد الله _رضي الله عنه_: لئن كانت عائشة _رضي الله عنها_ سمعت هذا من رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ ما أرى رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ ترك استلام الركنين اللذين يليان الحِجْر إلا أنّ البيت لم يُتَمَمْ على قواعد إبراهيم.
وفي رواية لهما عنها قالت: سألت النبي _صلى الله عليه وسلم_ عن الجَدْر أمن البيت هو؟ قال: نعم. قلت: فما لهم لم يدخلوه في البيت؟ قال: إن قومك قصرت بهم النفقة، قلت: فما شأن بابه مرتفعاً؟ قال: فعل ذلك قومك ليدخلوا من شاؤا ويمنعوا من شاؤوا، ولولا أن قومك حديث عهدهم بالجاهلية فأخاف أن تنكر قلوبهم أن أدخل الجَدْر في البيت وأن ألصق بابه بالأرض(7).
وفي رواية لمسلم عنها أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قال لها: "لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية (أو قال بكفر) لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله ولجعلت بابها بالأرض ولأدخلت فيها الحِجْر"، وفي رواية (وزدت فيها ستة أذرع من الحجر)، وفي رواية (لكنت أدخلت من الحِجْر خمسة أذرع)، وفي رواية أنه _صلى الله عليه وسلم_ قال لها: "فهلمي لأريك ما تركوا منه فأراها قريباً من سبعة أذرع"(.
ذا وقد اشترط المالكية والشافعية والحنابلة(9) وجمهور العلماء أن يكون الطواف أيضاً من وراء الشاذروان.
شروط الطواف المختلف فيها بين الفقهاء:
الأول: اشتراط تعيين نية الطواف حال وجوده في وقته(10):
اختلف الفقهاء رحمهم الله في اشتراط تعيين نية الطواف على قولين:
القول الأول: أن تعيين النية شرط وهو قول أحمد ووجه في مذهب الشافعي، وقال به أبو ثور وإسحاق وابن المنذر وابن القاسم من أصحاب مالك(11).
وقد استدلوا على ذلك بعموم قوله _صلى الله عليه وسلم_: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى"(12)، قالوا ولأن النبي _صلى الله عليه وسلم_ سماه صلاة والصلاة لا تصح إلا بالنية اتفاقاً قالوا ولأنها عبادة تفتقر إلى البيت فافتقرت إلى النية كركعتي المقام(13).
القول الثاني: أن تعيين النية ليس بشرط وهو قول الحنفية والأصح في مذهب الشافعي(14) وبه قال الثوري.
وقد استدلوا بأن تعيين نية الطواف حال وجوده في وقته لا حاجة إليه، قالوا وحتى لو نفر في النفر الأول فطاف وهو لا يعين طوافاً، يقع عن طواف الزيارة لا عن الصدر لأن أيام النحر متعينة لطواف الزيارة فلا حاجة إلى تعيين النية كما لو صام رمضان بمطلق لنية أنه يقع عن رمضان لكون الوقت متعيناً لصومه كذا هذا، وكذا لو نوى تطوعاً يقع عن طواف الزيارة كما لو صام رمضان بنية التطوع وكذلك كل طواف واجب أو سنة يقع في وقته من طواف اللقاء وطواف الصدر فإنما يقع عما يستحقه الوقت وهو الذي انعقد عليه الإحرام دون غيره سواء عين ذلك بالنية أو لم يعين فيقع عن الأول وإن نوى الثاني لا يعمل بنيته في تقديمه على الأول حتى إن المحرم إذا قدم مكة وطاف لا يعين شيئاً أو نوى التطوع، فإن كان محرماً بعمرة يقع طوافه للعمرة وإن كان محرماً بحجة يقع طوافه للقدوم لأن عقد الإحرام انعقد عليه، وكذلك القارن إذا طاف لا يعين شيئاً أو نوى التطوع كان ذلك للعمرة فإن طاف طوافاً آخر قبل أن يسعى لا يعين شيئاً أو نوى تطوعاً كان للحج(15).
الترجيح:
يترجح لي والعلم عند الله تعالى التفصيل في هذا وهو عدم اشتراط تعيين النية عند الطواف فيما إذا كان طواف فرض، فإذا أهل بعمرة فإن نية الإحرام بها كافية، فينصرف طوافه إلى ما هو ركن فيها وهو طوافها، بشرط أن لا ينوبه التطوع، فإن نواه فلا يصح عن الفرض، وكذا إذا أهل بحج أو به مع العمرة فطاف في أيام النحر وقع عن طواف الفرض ما لم ينو به التطوع أو الوداع فيما إذا كان طوافه عند انصرافه، فإن نوى به غير الفرض لم يصح طوافه عن الفرض وذلك لعموم قوله _صلى الله عليه وسلم_: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" وهذا قد نوى غير ما فعل فينصرف إلى ما نواه، والله أعلم.
الثاني: اشتراط ستر العورة:
اختلف الفقهاء رحمهم الله في اشتراط ستر العورة في الطواف على قولين:
القول الأول: أنه شرط وبه قال المالكية والشافعية والحنابلة(16) وجمهور العلماء.
القول الثاني: أنه واجب وليس بشرط وهو قول الحنفية(17).
الأدلة:
أدلة القول الأول: استدل أهل القول الأول بما رواه البخاري ومسلم في صحيحهما واللفظ لمسلم عن أبي هريرة _رضي الله عنه_ قال: بعثني أبو بكر الصديق في الحجة التي أمَّرَه عليها رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قبل حجة الوداع في رهط يؤذنون في الناس يوم النحر "لا(18) يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان"(19).
كما استدلوا بما رواه ابن حبان والترمذي والحاكم عن ابن عباس أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ قال: "الطواف بالبيت صلاة"(20) وستر العورة من شرائط صحة الصلاة بالإجماع فيكون شرطاً لصحة الطواف.
واستدلوا أصحاب القول الثاني وهو الحنفية على أن ستر العورة في الطواف ليس بشرط وإنما هو واجب بعموم قوله تعالى: "وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ" (الحج: من الآية29)، قالوا فأمر بالطواف مطلقاً عن شرط الستر فيجري على إطلاقه.
قالوا والنهي عن الطواف عرياناً إنما هو نهي لمكان الطواف وإذا كان كذلك تمكن فيه النقص فيجب جبره بالدم لكن بالشاة لا بالبدنة لأن النقص فيه كالنقص بالحدث لا كالنقص بالجنابة وأجابوا عن الاستدلال بحديث "الطواف بالبيت صلاة" أنه محمول على التشبيه كما في قوله تعالى: "وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ" (الأحزاب: من الآية6) أي كأمهاتهم، ومعناه الطواف كالصلاة إما في الثواب أو في أصل الفرضية في طواف الزيارة لأن كلام التشبيه لا عموم له فيحمل على المشابه في بعض الوجوه عملاً بالكتاب والسنة، أو نقول الطواف يشبه الصلاة وليس بصلاة حقيقة(21).
الترجيح:
يترج لي والعلم عند الله تعالى القول باشتراط ستر العورة في الطواف لنهيه _صلى الله عليه وسلم_ عن طواف العريان، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه ويعضد هذا حديث "الطواف بالبيت صلاة".
أما استدلال الحنفية بعموم قوله تعالى: "وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ" (الحج: من الآية29)، فالجواب عنه أن الآية عامة ليس فيها دلالة على محل النزاع بينما قوله _صلى الله عليه وسلم_: "ولا يطوف بالبيت عريان" نص في محل النزاع.
ومما يستدل به أيضاً على وجوب ستر العورة في الطواف قوله تعالى: "يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ" (الأعراف: من الآية31).
قال ابن جرير الطبري بسنده عن ابن عباس: إن النساء كن يطفن بالبيت عراة، وقال في موضع آخر: بغير ثياب إلا أن تجعل المرأة على فرجها خرقة فيما وصف إن شاء الله.
وتقول:
اليوم يبدوا بعضُه أو كلُّه فما بدا منه فلا أُحلُّه
قال فنزلت هذه الآية: (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) (الأعراف: من الآية31)، وفي رواية كانوا يطوفون عراة الرجال بالنهاء والنساء بالليل(22).
الثالث: اشتراط تكميل سبعة أشواط:
اختلف الفقهاء رحمهم الله في اشتراط تكميل سبعة أشواط على قولين:
القول الأول: أنه يشترط ذلك في صحة الطواف.
وهو قول المالكية والشافعية والحنابلة وجمهور العلماء(23).
القول الثاني: لا يشترط ذلك وهو قول الحنفية حيث رأوا أن القدر المفروض هو أكثر الأشواط، وأما الإكمال فواجب وليس بشرط(24).
الأدلة:
أدلة القول الأول:
استدل الجمهور على أنه يشترط لصحة الطواف إكمال سبعة أشواط بما رواه البخاري ومسلم(25) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قدم النبي _صلى الله عليه وسلم_ فطاف بالبيت سبعاً وصلى خلف المقام ركعتين ثم خرج إلى الصفا وقد قال الله تعالى: "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ" (الأحزاب: من الآية21).
وروى البخاري ومسلم أيضاً عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ إذا طاف بالبيت الطواف الأول خب ثلاثاً ومشى أربعاً(26).
وجه الدلالة من الأحاديث السابقة:
أن الرسول _صلى الله عليه وسلم_ طاف سبعاً، وقد قال _صلى الله عليه وسلم_: "لتأخذوا مناسككم إني لا أدري لعلّي لا أحج بعد حجتي هذه"(27).
أدلة القول الثاني:
استدل الحنفية لقولهم بعدم اشتراط السبعة الأشواط: بأن المقدار المفروض من الطواف هو أكثر أشواطه وهو ثلاثة أشواط وأكثر الشوط الرابع، قالوا والإكمال واجب(28) وليس بفرض ولأن الأكثر يقوم مقام الكل فيما يقع به التحلل في باب الحج كالذبح إذا لم يستوف قطع العروق الأربعة.
كما استدلوا بعموم قوله تعالى: (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) (الحج: من الآية29).
وجه الدلالة: هو أنهم قالوا بأن الأمر بالطواف مطلق، والأمر المطلق لا يقتضي التكرار إلا أن الزيادة على المرة الواحدة إلى أكثر الأشواط ثبت بدليل آخر وهو الإجماع ولا إجماع في الزيادة على أكثر الأشواط.
وأجابوا عن ما ثبت عنه _صلى الله عليه وسلم_ بقوله وفعله من إكمال الطواف بسبعة أشواط باحتمال أن يكون ذلك التقدير للإتمام ويحتمل أن يكون للاعتداد به فيثبت فيه القدر المتيقن، وهو أن يجعل ذلك شرط الإتمام(29).
الترجيح:
يترجح لي والعلم عند الله تعالى القول باشتراط سبعة أشواط لصحة الطواف، ذلك أنه ثبت عنه _صلى الله عليه وسلم_ بفعله أنه طاف سبعاً مع قوله: "لتأخذوا مناسككم" هذا واستدلال الحنفية بقوله تعالى: (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) (الحج: من الآية29) وما ذكروه من وجه الدلالة منها غير مسَلَّم به.
الرابع: حكم اشتراط الابتداء بالحجر الأسود في الطواف:
اختلف الفقهاء رحمهم الله في حكم اشتراط الافتتاح بالحجر الأسود على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه شرط وبه قال محمد بن الحسن من الحنفية(30)، وقد ذكره من جملة شروط صحة الطواف ابن جزي(31) من المالكية والمرداوي(32) والبهوتي(33) من الحنابلة.
القول الثاني: أن البدء بالحجر الأسود ليس بشرط بل هو سنة حتى لو اتبدأ من غير عذر أجزأه مع الكراهة وهذا ظاهر مذهب الحنفية(34).
القول الثالث: يجب ابتداء الطواف من الحجر الأسود، فإن ابتدأ من دون الركن كمن الباب مثلاً أو ما بعده لم يعتد بذلك الشوط فإذا وصل الحجر كان ذلك ابتداء طوافه فإن اعتد بالشوط الأول لم يصح طوافه.
وهذا هو مذهب الشافعية بل قال النووي إنه لا خلاف عندهم في ذلك(35) وقد نص على هذا ابن قدامة في المغني(36).
الأدلة:
استدل القائلون باشتراط الافتتاح بالحجر الأسود وكذا القائلون بالوجوب بما جاء في الصحيحين عن ابن شهاب أن سالم بن عبد الله أخبره أن عبد الله بن عمر قال: رأيت رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ حين يقدم مكة إذا استلم الركن الأسود أول ما يطوف حين يقدم يخب ثلاثة أطواف من السبع(37).
الشروط المتفق عليها بين الفقهاء:
من الشروط المتفق عليها بين الفقهاء لصحة الطواف: الإسلام، والعقل، والنية، وهذه الشروط يذكرها بعض الفقهاء(1) في شروط الطواف، وهي شروط عامة تشترط لكل عبادة وليست خاصة بالطواف، ولا شك أنها معتبرة له لأنه عبادة.
فالإسلام شرط أساسي فالمشرك لا يقبل منه أيّ عمل ما دام على شركه لقوله تعالى: "وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً" (الفرقان:23).
والطواف عبادة تحتاج إلى نية التقرب إلى تعالى والمشرك لا نية له في التقرب ثم إنّ المشرك أيضاً ممنوع من دخول الحرم، قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا" (التوبة: من الآية28).
وأما اشتراط العقل فلأن العقل مناط التكليف، والمجنون ليس مكلفاً بفروض الدين لما رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وغيرهم عن حماد بن سلمة، عن حماد "وهو ابن أبي سفيان" عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة _رضي الله عنها_ أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قال: "رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن المبتلى حتى يبرأ وعن الصبي حتى يكبر" وفي رواية (رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق وعن الصغير حتى يبلغ)(2).
وأما ما ذكره العلماء من اشتراط النية للطواف أو لأيّ عبادة، فلأن مدار أي عمل عليها لما جاء في الصحيحين عن النبي _صلى الله عليه وسلم_ أنه قال: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى"(3).
هذه هي الشروط العامة لكل عبادة والمتفق عليها بين العلماء وهي معتبرة لصحة الطواف وهناك شروط أخرى متفق عليها بين فقهاء المذاهب خاصة بالطواف وهي:
الشرط الأول: أن يكون الطواف حول الكعبة المشرفة، قال تعالى: "ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ" (الحج:29)، وقد طاف _صلى الله عليه وسلم_ حول البيت وقال: "لتأخذوا عني مناسككم"(4) الحديث رواه مسلم وأبو داود والنسائي والترمذي وغيرهم.
الشرط الثاني: أن يكون الطواف حول البيت داخل المسجد الحرام ولو بعيداً عنه حيث يجوز الطواف في أخريات المسجد ولو في أروقته وعند بابه من داخله وعلى أسطحته، وكل توسعة في الحرم داخلة فيه فيصح الطواف في جمعية لكن لا بد وأن يكون الطواف داخله فلا يصح خارجه.
قال النووي: واتفقوا على أن لو طاف خارج المسجد لم يصح طوافه بحال(5)، انتهى.
قلت: والدليل على ذلك فعله _صلى الله عليه وسلم_ مع قوله فقد طاف عليه الصلاة والسلام داخل المسجد الحرام وقد قال: "لتأخذوا عني مناسككم" الحديث.
الشرط الثالث: دخول وقت الطواف إذا كان له وقت معين وذلك كطواف الإفاضة فإنه لا بد في صحته من دخول وقته، واشتراط دخول الوقت محل إجماع بين الفقهاء إنما اختلفوا فيما بينهم في ابتداء وقته وقد تقدم تفصيله بما يغني عن إعادته هنا في مبحث ابتداء وقت طواف الإفاضة.
الشرط الرابع: أن يكون الطواف من وراء الحِجْر(6)؛ لأن الحِجْر من الكعبة فلو طاف من داخل الحجر ما صح طوافه؛ لأن النبي _صلى الله عليه وسلم_ كان يطوف من ورائه.
وقد جاء في الصحيحين من حديث عائشة _رضي الله عنها_ أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قال لها: "ألم تَرَيْ أن قومك لما بنوا الكعبة اقتصروا على قواعد إبراهيم؟ فقلت: يا رسول الله ألا تردها على قواعد إبراهيم. قال: لولا حدثان قومك بالكفر لفعلت"، فقال عبد الله _رضي الله عنه_: لئن كانت عائشة _رضي الله عنها_ سمعت هذا من رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ ما أرى رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ ترك استلام الركنين اللذين يليان الحِجْر إلا أنّ البيت لم يُتَمَمْ على قواعد إبراهيم.
وفي رواية لهما عنها قالت: سألت النبي _صلى الله عليه وسلم_ عن الجَدْر أمن البيت هو؟ قال: نعم. قلت: فما لهم لم يدخلوه في البيت؟ قال: إن قومك قصرت بهم النفقة، قلت: فما شأن بابه مرتفعاً؟ قال: فعل ذلك قومك ليدخلوا من شاؤا ويمنعوا من شاؤوا، ولولا أن قومك حديث عهدهم بالجاهلية فأخاف أن تنكر قلوبهم أن أدخل الجَدْر في البيت وأن ألصق بابه بالأرض(7).
وفي رواية لمسلم عنها أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قال لها: "لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية (أو قال بكفر) لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله ولجعلت بابها بالأرض ولأدخلت فيها الحِجْر"، وفي رواية (وزدت فيها ستة أذرع من الحجر)، وفي رواية (لكنت أدخلت من الحِجْر خمسة أذرع)، وفي رواية أنه _صلى الله عليه وسلم_ قال لها: "فهلمي لأريك ما تركوا منه فأراها قريباً من سبعة أذرع"(.
ذا وقد اشترط المالكية والشافعية والحنابلة(9) وجمهور العلماء أن يكون الطواف أيضاً من وراء الشاذروان.
شروط الطواف المختلف فيها بين الفقهاء:
الأول: اشتراط تعيين نية الطواف حال وجوده في وقته(10):
اختلف الفقهاء رحمهم الله في اشتراط تعيين نية الطواف على قولين:
القول الأول: أن تعيين النية شرط وهو قول أحمد ووجه في مذهب الشافعي، وقال به أبو ثور وإسحاق وابن المنذر وابن القاسم من أصحاب مالك(11).
وقد استدلوا على ذلك بعموم قوله _صلى الله عليه وسلم_: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى"(12)، قالوا ولأن النبي _صلى الله عليه وسلم_ سماه صلاة والصلاة لا تصح إلا بالنية اتفاقاً قالوا ولأنها عبادة تفتقر إلى البيت فافتقرت إلى النية كركعتي المقام(13).
القول الثاني: أن تعيين النية ليس بشرط وهو قول الحنفية والأصح في مذهب الشافعي(14) وبه قال الثوري.
وقد استدلوا بأن تعيين نية الطواف حال وجوده في وقته لا حاجة إليه، قالوا وحتى لو نفر في النفر الأول فطاف وهو لا يعين طوافاً، يقع عن طواف الزيارة لا عن الصدر لأن أيام النحر متعينة لطواف الزيارة فلا حاجة إلى تعيين النية كما لو صام رمضان بمطلق لنية أنه يقع عن رمضان لكون الوقت متعيناً لصومه كذا هذا، وكذا لو نوى تطوعاً يقع عن طواف الزيارة كما لو صام رمضان بنية التطوع وكذلك كل طواف واجب أو سنة يقع في وقته من طواف اللقاء وطواف الصدر فإنما يقع عما يستحقه الوقت وهو الذي انعقد عليه الإحرام دون غيره سواء عين ذلك بالنية أو لم يعين فيقع عن الأول وإن نوى الثاني لا يعمل بنيته في تقديمه على الأول حتى إن المحرم إذا قدم مكة وطاف لا يعين شيئاً أو نوى التطوع، فإن كان محرماً بعمرة يقع طوافه للعمرة وإن كان محرماً بحجة يقع طوافه للقدوم لأن عقد الإحرام انعقد عليه، وكذلك القارن إذا طاف لا يعين شيئاً أو نوى التطوع كان ذلك للعمرة فإن طاف طوافاً آخر قبل أن يسعى لا يعين شيئاً أو نوى تطوعاً كان للحج(15).
الترجيح:
يترجح لي والعلم عند الله تعالى التفصيل في هذا وهو عدم اشتراط تعيين النية عند الطواف فيما إذا كان طواف فرض، فإذا أهل بعمرة فإن نية الإحرام بها كافية، فينصرف طوافه إلى ما هو ركن فيها وهو طوافها، بشرط أن لا ينوبه التطوع، فإن نواه فلا يصح عن الفرض، وكذا إذا أهل بحج أو به مع العمرة فطاف في أيام النحر وقع عن طواف الفرض ما لم ينو به التطوع أو الوداع فيما إذا كان طوافه عند انصرافه، فإن نوى به غير الفرض لم يصح طوافه عن الفرض وذلك لعموم قوله _صلى الله عليه وسلم_: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" وهذا قد نوى غير ما فعل فينصرف إلى ما نواه، والله أعلم.
الثاني: اشتراط ستر العورة:
اختلف الفقهاء رحمهم الله في اشتراط ستر العورة في الطواف على قولين:
القول الأول: أنه شرط وبه قال المالكية والشافعية والحنابلة(16) وجمهور العلماء.
القول الثاني: أنه واجب وليس بشرط وهو قول الحنفية(17).
الأدلة:
أدلة القول الأول: استدل أهل القول الأول بما رواه البخاري ومسلم في صحيحهما واللفظ لمسلم عن أبي هريرة _رضي الله عنه_ قال: بعثني أبو بكر الصديق في الحجة التي أمَّرَه عليها رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قبل حجة الوداع في رهط يؤذنون في الناس يوم النحر "لا(18) يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان"(19).
كما استدلوا بما رواه ابن حبان والترمذي والحاكم عن ابن عباس أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ قال: "الطواف بالبيت صلاة"(20) وستر العورة من شرائط صحة الصلاة بالإجماع فيكون شرطاً لصحة الطواف.
واستدلوا أصحاب القول الثاني وهو الحنفية على أن ستر العورة في الطواف ليس بشرط وإنما هو واجب بعموم قوله تعالى: "وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ" (الحج: من الآية29)، قالوا فأمر بالطواف مطلقاً عن شرط الستر فيجري على إطلاقه.
قالوا والنهي عن الطواف عرياناً إنما هو نهي لمكان الطواف وإذا كان كذلك تمكن فيه النقص فيجب جبره بالدم لكن بالشاة لا بالبدنة لأن النقص فيه كالنقص بالحدث لا كالنقص بالجنابة وأجابوا عن الاستدلال بحديث "الطواف بالبيت صلاة" أنه محمول على التشبيه كما في قوله تعالى: "وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ" (الأحزاب: من الآية6) أي كأمهاتهم، ومعناه الطواف كالصلاة إما في الثواب أو في أصل الفرضية في طواف الزيارة لأن كلام التشبيه لا عموم له فيحمل على المشابه في بعض الوجوه عملاً بالكتاب والسنة، أو نقول الطواف يشبه الصلاة وليس بصلاة حقيقة(21).
الترجيح:
يترج لي والعلم عند الله تعالى القول باشتراط ستر العورة في الطواف لنهيه _صلى الله عليه وسلم_ عن طواف العريان، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه ويعضد هذا حديث "الطواف بالبيت صلاة".
أما استدلال الحنفية بعموم قوله تعالى: "وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ" (الحج: من الآية29)، فالجواب عنه أن الآية عامة ليس فيها دلالة على محل النزاع بينما قوله _صلى الله عليه وسلم_: "ولا يطوف بالبيت عريان" نص في محل النزاع.
ومما يستدل به أيضاً على وجوب ستر العورة في الطواف قوله تعالى: "يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ" (الأعراف: من الآية31).
قال ابن جرير الطبري بسنده عن ابن عباس: إن النساء كن يطفن بالبيت عراة، وقال في موضع آخر: بغير ثياب إلا أن تجعل المرأة على فرجها خرقة فيما وصف إن شاء الله.
وتقول:
اليوم يبدوا بعضُه أو كلُّه فما بدا منه فلا أُحلُّه
قال فنزلت هذه الآية: (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) (الأعراف: من الآية31)، وفي رواية كانوا يطوفون عراة الرجال بالنهاء والنساء بالليل(22).
الثالث: اشتراط تكميل سبعة أشواط:
اختلف الفقهاء رحمهم الله في اشتراط تكميل سبعة أشواط على قولين:
القول الأول: أنه يشترط ذلك في صحة الطواف.
وهو قول المالكية والشافعية والحنابلة وجمهور العلماء(23).
القول الثاني: لا يشترط ذلك وهو قول الحنفية حيث رأوا أن القدر المفروض هو أكثر الأشواط، وأما الإكمال فواجب وليس بشرط(24).
الأدلة:
أدلة القول الأول:
استدل الجمهور على أنه يشترط لصحة الطواف إكمال سبعة أشواط بما رواه البخاري ومسلم(25) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قدم النبي _صلى الله عليه وسلم_ فطاف بالبيت سبعاً وصلى خلف المقام ركعتين ثم خرج إلى الصفا وقد قال الله تعالى: "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ" (الأحزاب: من الآية21).
وروى البخاري ومسلم أيضاً عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ إذا طاف بالبيت الطواف الأول خب ثلاثاً ومشى أربعاً(26).
وجه الدلالة من الأحاديث السابقة:
أن الرسول _صلى الله عليه وسلم_ طاف سبعاً، وقد قال _صلى الله عليه وسلم_: "لتأخذوا مناسككم إني لا أدري لعلّي لا أحج بعد حجتي هذه"(27).
أدلة القول الثاني:
استدل الحنفية لقولهم بعدم اشتراط السبعة الأشواط: بأن المقدار المفروض من الطواف هو أكثر أشواطه وهو ثلاثة أشواط وأكثر الشوط الرابع، قالوا والإكمال واجب(28) وليس بفرض ولأن الأكثر يقوم مقام الكل فيما يقع به التحلل في باب الحج كالذبح إذا لم يستوف قطع العروق الأربعة.
كما استدلوا بعموم قوله تعالى: (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) (الحج: من الآية29).
وجه الدلالة: هو أنهم قالوا بأن الأمر بالطواف مطلق، والأمر المطلق لا يقتضي التكرار إلا أن الزيادة على المرة الواحدة إلى أكثر الأشواط ثبت بدليل آخر وهو الإجماع ولا إجماع في الزيادة على أكثر الأشواط.
وأجابوا عن ما ثبت عنه _صلى الله عليه وسلم_ بقوله وفعله من إكمال الطواف بسبعة أشواط باحتمال أن يكون ذلك التقدير للإتمام ويحتمل أن يكون للاعتداد به فيثبت فيه القدر المتيقن، وهو أن يجعل ذلك شرط الإتمام(29).
الترجيح:
يترجح لي والعلم عند الله تعالى القول باشتراط سبعة أشواط لصحة الطواف، ذلك أنه ثبت عنه _صلى الله عليه وسلم_ بفعله أنه طاف سبعاً مع قوله: "لتأخذوا مناسككم" هذا واستدلال الحنفية بقوله تعالى: (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) (الحج: من الآية29) وما ذكروه من وجه الدلالة منها غير مسَلَّم به.
الرابع: حكم اشتراط الابتداء بالحجر الأسود في الطواف:
اختلف الفقهاء رحمهم الله في حكم اشتراط الافتتاح بالحجر الأسود على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه شرط وبه قال محمد بن الحسن من الحنفية(30)، وقد ذكره من جملة شروط صحة الطواف ابن جزي(31) من المالكية والمرداوي(32) والبهوتي(33) من الحنابلة.
القول الثاني: أن البدء بالحجر الأسود ليس بشرط بل هو سنة حتى لو اتبدأ من غير عذر أجزأه مع الكراهة وهذا ظاهر مذهب الحنفية(34).
القول الثالث: يجب ابتداء الطواف من الحجر الأسود، فإن ابتدأ من دون الركن كمن الباب مثلاً أو ما بعده لم يعتد بذلك الشوط فإذا وصل الحجر كان ذلك ابتداء طوافه فإن اعتد بالشوط الأول لم يصح طوافه.
وهذا هو مذهب الشافعية بل قال النووي إنه لا خلاف عندهم في ذلك(35) وقد نص على هذا ابن قدامة في المغني(36).
الأدلة:
استدل القائلون باشتراط الافتتاح بالحجر الأسود وكذا القائلون بالوجوب بما جاء في الصحيحين عن ابن شهاب أن سالم بن عبد الله أخبره أن عبد الله بن عمر قال: رأيت رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ حين يقدم مكة إذا استلم الركن الأسود أول ما يطوف حين يقدم يخب ثلاثة أطواف من السبع(37).